مكتب جريدتي بريس طورونطو-كندا
زهرة منون ناصر
مديرة جريدة (ألوان)
الدبلوماسي الشاعر والروائي حسن حامي
الدبلوماسي الشاعر والروائي حسن حامي أحد المبدعين المغاربة الذي يفضل الانزواء في عالمه ليكتب بثلاث لغات بكل سلاسة .
أصدر حتى الآن ثمان روايات باللغة الفرنسية وأربع روايات باللغة الإنجليزية، إضافة إلى أربع كتب في نظرية العلاقات الدولية باللغة الفرنسية، و أربعة دواوين شعرية والخامس قيد الإنجاز .
جل هذه الكتب موزعة في المغرب وبعضها الآخر في أوروبا وتوجد في مكتبات جامعية في بلدان عدة. كما أصدر مؤخرا أول رواية باللغة العربية تحت عنوان ” في القنطرة جلجلة”
حاورت الأديب حسن حامي الشاعر والمبدع الذي تميز كتاباته الدقة والتصوير الجمالي للصور الشعرية في كل قصائده.
اترك للقراء متعة الاستمتاع بحديث عن الشعر والكتابة.
ماذا تعني لك الكتابة ككل والشعرية بالخصوص؟
الكتابة بكل المقاييس هي مساءلة الذات ومراوغتها في آن واحد ليتمكن الكاتب، هاويا كان أم محترفا، من تأكيد هويته، وبالتالي وجوده. من يدعي غير ذلك، ربما لا يعي أن الكتابة في جميع مجالات الإبداع هي قبل كل شيء تستفزه هو بالذات قبل أي شيء آخر. فيما يتعلق بالشعر، أود أن أوضح أن تخصصي الجامعي لم يكن في الأدب أو العلوم الإنسانية بصفة عامة، ولكنني أحببت الشعر منذ كنت صغيرا. وخلال دراستي الثانوية كنت، إلى جانب بعض الأصدقاء نصنف من باب تشجيع أساتذتنا الأجلاء، بشعراء المدرسة. والسبب هو أنني كنت أقرض الشعر وأتفنن في قواعد العروض رغم صعوبتنا بالنسبة لتلميذ في ذلك السن.
هل تعتقد أن للشعر قراء؟
نعم، أنا واثق من ذلك ـ وأنت واحدة منهم، إضافة إلى أنك قارئة جيدةـ، لا يمكن للبشر أن يعيشوا بدون شعر، لأنه إحساس ونبض وعلاقة فريدة مع الذات. وحتى لو أجزمنا بأن ليس للشعر قراء، فكيف يمكن أن نفسر تفاعلنا مع أغاني القصيدة؟ لماذا نتذكر مثلا أم كلثوم وماجدة الرومي وعبد الحليم حافظ وكاظم الساهر ونجاة الصغيرة وفيروز وعلية وأميمة الخليل وعبد الهادي بلخياط ورجاء بلمليح وغيرهم؟ لأنهم، إضافة لأصواتهم الرائعة، غنوا القصيدة، ولأنهم وجدوا شعراء جيدين بسطوا المشاعر قبل أن يرفعوها إلى الأعلى.
نعم، قد أتفق مع بعض المشككين، لأن هناك تضخم في عدد الشعراء، ومن بين أسباب ذلك، أن البعض يظن مثلا أن قصيدة النثر هي الخروج عن قواعد العروض وهلم جرا، هذا علما أن القصيدة النثرية صعبة الكتابة. والخلاصة هو أنني لا أعتقد أن الشعراء يكتبون لكي يقرأ الناس شعرهم؛ هم يكتبون لأن ذلك قدرهم.
وسط هذا الزخم من وسائل التواصل التي تكاثرت، هل تعتقد أن الكتابة الإبداعية على العموم ما زالت منتعشة؟
الكتابة الإبداعية متواجدة سواء كان قراء أم لم يكونوا. المشكل في المغرب هو أن الناس لا يقرؤون، وهذه معضلة مستفحلة منذ زمان، حتى قبل ظهور التكنولوجيا الحديثة. من نشأ على الكتابة، سيظل يكتب. والكاتب الجيد، إن صح هذا التوصيف، هو قارئ جيد في نفس الوقت. وأظن أنه رغم وسائل التواصل، فإن الكتابة الإبداعية انتعشت بعض الشيء. ومن سخرية القدر أن لكوفيد 19 نصيب في ذلك. بسبب الحجر الصحي، اكتشف البعض أن لهم قدرات إبداعية وأن لهم الحق في الكلمة ما دام أن الكل أصبح ينصت ويسمع للكل من فرط الصدمة.
أصدرت دواوين شعرية، وتستعد لإصدار جديد، كيف كانت تجربتك مع النشر ومع النقد؟
كنت محظوظا عندما لم أكثرت بتهكم وسخرية بعض الأصدقاء عندما بدأت أقارع الكلمة الشعرية وأنا في سن المراهقة. ومع مرور الأيام، اكتسبت الثقة بفضل تشجيع أساتذتي. لحد الآن، صدرت لي أربع دواوين ما بين 1996 و2020 وهي على التوالي: “متاهات الظمأ”، “هوس الدوالي”، “تراتيل القزوين” و “في كنف الريح”. واستعد لإصدار ديوان جديد تحت عنوان “وترتعش الكلمات”.
كتبت جل قصائد الديوان الجديد أثناء الحجر الصحي الأول. أما حكاية النقد، فلا علم لي بذلك، ولكنني حرصت كل مرة قبل إصدار أي نص على عرضه على بعض النقاد والشعراء وأستفيد من ملاحظاتهم وأعمل بها كليا. ولكن هناك مشكل بسيط، وهو الوقت، أحيانا لا يصل جواب، وأحيانا أخرى، يرى البعض أن ينصب نفسه وصيا عليك، ولا يراك إلا في الخانة التي يسجن نفسه فيها. وتبقى القراءة النقدية قراءة إيديولوجية وموسمية في كل الأحوال.
أما فيما يتعلق بالنشر، فالحكاية طويلة، ويمكن إيجازها في جملة واحدة وهي كالتالي: إذا لم تحصل على دعم وزارة الثقافة أو بعض الجمعيات الثقافية، فعليك أن تصدر الديوان على حسابك الشخصي. هذا يجري علي أيضا ما عدا ديوان “تراتيل القزوين” الذي أصدره صندوق المعرفة التابع لرئاسة جمهورية أذربيجان؛ وقد تم نشره باللغتين العربية والأذرية. كما أن بعض القطع ترجمت إلى اللغة الروسية.
كيف تقيم التجربة الشعرية المغربية بين الامس واليوم؟
بكل صراحة، لست متخصصا في المقارنة بين مختلف التجارب الشعرية المغربية. لأن تخصصي ليس أدبيا. كما أن لي موفقا خاصا من الجنس الأدبي السائد من حيث اللغة والوظيفة والمبتغى. لدي أصدقاء شعراء يبرعون في قصيدة النثر، ولكنني لا أجد نفسي في هذا النوع من التعبير الشعري. أحيانا، أظن أن بعض الشعراء ركبوا الموجة عن غير قناعة. كما أجد آخرين في قمة الابداع. أحس بالانجذاب إلى قصائدهم. أما فيما يخص تجربتي، أنا كلاسيكي بعض الشيء، وأكتب الشعر الحر بالتفعيلة. وقد يحدث أحيانا أن أتلاعب في التفعيلة ولكن مع المحافظة على نفس البحر. يقال إن العروض يحد من حرية الشاعر؛ لا أعتقد ذلك، وأحب الموسيقى التي يوفرها العروض شريطة ان يتجنب الشاعر أي شكل من أشكال النمطية؛ والدليل هو أنني أصدرت دواوين أربعة، والخامس في الطريق إن شاء الله.
هل فكرت يوما بالكتابة في مجال القصة والرواية؟
أنا أكتب بثلاث لغات وهي العربية والفرنسية والإنجليزية. أعني أنني أكتب مباشرة بهذه اللغات ولا أحتاج إلى ترجمة، لأن الترجمة مهما كانت حريصة، تقتل النص الأصلي.